في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الثانية

doukkala24
تقافة و فنون
15 أبريل 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الثانية

دكالة 24:

استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.

خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى  وأعلام  المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.

    ——— إعداد: أحمد مسيلي ——– الحلقة 2

دلت الآثار المكتشفة في كهف ” الخنزيرة ” جنوب الجديدة على أن المنطقة عمرت قديما مند ما يزيد عن عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. يرجع أصل سكان دكالة إلى المصامدة , والمصامدة أوفر قبائل البربر عددا قبل الإسلام وبعده . وقد ورد تحديد لموطن مصمودة عند المراكشي = ” عرضا من النهر الأعظم أم الربيع وآخر بلادهم الصحراء وطولا من جبل درن إلى البحر المحيط ” ويعني بجبل درن الجزء الغربي من الأطلس الكبير , وينقسم المصامدة إلى قسمين مصا مدة السهل بين الأطلس الكبير والمحيط وكصامدة الجبل بالأطلس الكبير وما وراءه , وما يهمنا هم مصا مدة السهل . ويذكر الأستاذ عبد الوهاب بن منصور في كتابه عن ” قبائل المغرب ” إن بعض النسابين يعد سكان دكالة من صنهاجة , وسبب هذا الخطأ ما رأوه من تعصبهم منذ الدولة اللمثونية في منتصف القرن الخامس الهجري , وإذا كانت سائر قبائل مصمودة قد بادرت إلى تأييد الدعوة الموحدية فان قبائل دكالة قاومت الموحدين بعنف, ويرجع ابن خلدون نسب دكالة إلى صنهاجة أحيانا والى مصمودة أحيانا أخرى الشيء الذي يؤدي بنا إلى القول على أن القبائل البربرية الدكالية كانت تضم صنهاجة ومصمودة.

وقد ازدادت أهمية دكالة باتصال السكان الأصليين بالفنيقيين والقرطاجيين من بعدهم الدين أسسوا مراكز تجارية مهمة على الساحل كآزمور , ولتسهيل الرواج التجاري بينهم وبين البربر تغلغلوا داخل المنطقة عبر الأنهار كنهر أم الربيع . وقد اخذ البربر عن الفنيقيين و القرطاجيين حياة الاستقرار ولم يبقوا مقتصرين في معيشتهم على الصيد والقطف وتربية الماشية , بل اهتموا كثيرا كذلك بالتجارة , كما اخذوا عنهم بعض المزروعات كالحبوب وكدا  صناعة الحياكة مما جعلهم يستغنون عن جلود الحيوانات , كما اخذ البربر عنهم فن البناء مثل السكن المعروف ب =” تازوطا ” وهو بناء يتميز عن غيره بشكله المستدير , يبنى بواسطة أحجار ضخمة ويشبه إلى حد ما بقايا لكسوس , ولا يوجد له مثيل في بقية أنحاء المغرب .

أما عن أسماء القبائل البربرية القديمة بالمنطقة , فالظاهر أنها ليست امازيغية الأصل , وإنما هي أسماء أعطاها الرومان لقبائل السكان الأصليين وفي هدا الإطار يمكن إرجاع اسم ” برغواطة ” وهي إمارة حكمت المنطقة ابتداء من سنة 125 هجرية إلى اسم القبيلة البربرية القديمة bakouatai ” باخواتاي ” ولاشك انه اسم أعطاه الرومان لهؤلاء السكان نظرا لممارستهم تقديس باخوس  ” اله الخمر ” وربما لان هؤلاء السكان تعاطوا كثيرا لشرب الخمر , فالعنب عرف بالمنطقة مند القديم . وتقديس باخوس كان معروفا في وليلي لأنه تم اكتشاف تمثال صغير من البرنز له , كما يصف البكري ديانة البرغواطيين عند بداية القرن الثاني الهجري , يظهر على أن الممارسات الدينية لأتباع باخوس انتشرت في وسط المغرب , وامتدت بعض مظاهرها إلى ما بعد دخول الإسلام  ولعل في أعمال طوائف مثل ” حمادشة ” و ” عيساوة ” ما يذكر بأعمال أتباع ديونيوس وباخوس . من القبائل البربرية المهمة التي تحولت إلى أسر فقط ركراكة بني دغوغ , بني ماكر , مشتراية , هزمير … وفي كتاب التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات وفي الفترة ما بين نهاية القرن السادس هجري وبداية القرن السابع الهجري نجد ذكرا لرجالات من بني ماكر ورجالات من مشتراية واشهرهم الشيخ أبي النور عبد الله ابن واكر يس المشترائي دفين وسط دكالة بسيدي بنور في القرن السادس الهجري .

ابن خلدون يذكر دكالة ضمن قبائل مصمودة السهل ويذكر معها كقبيلتين مستقلتين ركراكة وبني ماكر التي رد ” مثقفوها ” نسبهم إلى قريش وهو ما يفسر ما جاء في كتاب المنهاج الواضح لأحمد بن إبراهيم الماكري ص 134  ” …فشيخنا ( أبو محمد صالح ) … قريشي على كل وجه وعلى كل تقدير … ” ، أما الركراكيون فقد عملوا أنفسهم نازحين إلى المغرب من الأندلس لا متفرعين عن برابرته حيث جاء في كتاب المعسول للعلامة المختار السوسي وكذا الكانوني وغيرهما كون سادتهم رجراجة انتقلوا من بلاد الأندلس ، راكبين على سفينتهم في البحر بأربعة رجال ، وخرجوا بإقليم حاحا ، قبل الإسلام ، في الجاهلية ونزلوا بأكوز… ومن هناك تفرقوا بذلك الإقليم .

وقد نصب الركراكيون أنفسهم دعاة للإسلام قبل دخول الفاتحين ، وكانوا أول من ادخل المصامدة في الإسلام وعلمهم علوم الدين وعلوم الشريعة ، وجاهدوا كفار برغواطة في إطار التبشير على وادي تانسيفت ، ففضلوا أنفسهم على باقي القبائل لكونهم حواريين لم يعرفوا الكفر حيث جاء في المصدرين السالفين الذكر ” … وأي شأن أرفع من شأنهم على سواهم من المؤمنين لأنهم لم يدنسوا إيمانهم وإسلامهم بكفر من يوم رفع عيسى عليه السلام ، لكونهم آمنوا بعيسى عليه السلام وآمنوا بمحمد ( ص ) قبل بعثه … وأنهم ليسوا مثل بني إسرائيل… ” ولعل هذه الروايات نسجت حسب أحمد بوشارب بعد دخول القبائل العربية لدكالة لمواجهة افتخارها بأنسابها ، أو بعد اندحار البرتغاليين الذي ارجع الفضل فيه إلى رجراجة . ومهما كانت تضاربات هذه الروايات في محاولة إرجاع النسب إلى غير البربر ، فان النصوص تجمع مع ذلك على أن قبائل دكالة كانت تتكون من ستة عناصر واحد صنهاجي يوجد حول آزمور والباقي مصمودي مكون من : مشنزاية وبني دغوغ و ركراكة و بني ماكر وهزميرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!