دكالة 24:
استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.
خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى وأعلام المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.
—– إعداد: أحمد مسيلي——- الحلقة 9
شيوخ القبائل :
عندما بدأ التوسع البرتغالي في دكالة وفشل جهاد القبائل التي عجزت عن حماية نفسها وعجز النظام الو طاسي عن الوفاء بالتزاماته الوطنية في الدفاع عن السكان ، اضطرت هذه القبائل إلى الخضوع ولو على مضض ، لكن الغريب أن بعض القبائل في دكالة ساعدت البرتغاليين على التوسع وحاربت قبائل أخرى من اجل هدا الغرض ، الأمر الذي دفع ببعض مؤرخي الاستعمار إلى فهم أن هذه القبائل قبلت عن طواعية التعامل مع البرتغاليين . والواقع أن أخطاء الأنظمة القائمة في المغرب ( الوطاسيون الهنتاتيون بنواحي مراكش – والسعديون في أول أمرهم ) التي تتلخص في عدم تقديم أية مساعدة للقبائل القريبة من الثغور دفعت بعض القبائل إلى الخضوع إلى الاستعمار ، كما أن التحركات الوطاسية ضد البرتغاليين لم تكن تزيد البلاد إلا خرابا ، ففي سنة 1514 م دخل الناصر الو طاسي دكالة على رأس جيش مهددا متوعدا البرتغاليين ، فلم يواجههم واكتفى بتخريب المنطقة عقابا للقبائل المتعاملة مع الأجانب فتراجع الإنتاج . ومن بين أسباب تعامل بعض القبائل مع الاستعمار البرتغالي ، الدور الذي قام به بعض شيوخ القبائل , فبدخول القبائل الهلالية لمنطقة دكالة تركز النظام القبلي البدوي الذي يجعل القبيلة تدين بدين شيخها , فتولي من والى وتحارب من حارب وتخضع لمن خضع وكمثال على ذلك نذكر انه عندما حوصرت آسفي سنة 1510 م حضرت كل القبائل الدكالية للجهاد والمشاركة في الحصار ما عدا أقربها إلى المدينة , وهي عبده لان شيخها حسون توصل برشاوى سنة 1509 م من البرتغاليين كما أن بعض الشيوخ المتملقين أو الطامعين في السلطة أبدوا استعدادهم لخدمة المستعمر .
خلاصة القول ، أصبح المجتمع الدكالي متفككا ، وأصبحت القبائل لا تقرر ، بل تتصرف حسب هوى شيوخها ، حيث اختفت المقاييس التقليدية لاختيار الشيوخ الذين أصبحوا لا يخفون مواقفهم من البرتغاليين ، إذ سرعان ما ادخل بعضهم نفسه تحت حماية التجار البرتغاليين …
عرفت مختلف نواحي المملكة المغربية نهضة معمارية متنوعة جليلة الشأن إبان عصر الأشراف السعديين. وقد شملت تلك النهضة مختلف أنواع العمارة الإسلامية من حربية كبناء الأسوار والحصون والأبراج والقلاع، ودينية كبناء المساجد والزوايا والأضرحة والقباب، ومدنيو كتشييد القصور والمساكن والمصانع وغرس البساتين وتصميم المياه، وقد تميز العهد السعدي في بدايته بالجهاد ، لدلك لم تعط أهمية كبيرة للتاريخ المحلي لدكالة ، ولم تنته هده الفترة إلا في عهد أحمد المنصور ويظهر من خلال رسالة رسمية بعثها أحمد المنصور السعدي إلى ابنه الشيخ المامون حاكم مراكش أن دكالة كانت تضم آنذاك نفس القبائل التي توجد اليوم ، وهي أولا أولاد بوعزيز ، أولاد فرج ، أولاد عمور ، أولاد بوزرارة ، العونات ، الحوزية ، وتجدر الإشارة إلى انه مند عهد قريب استقرت في الضفة اليمنى لنهر أم الربيع قبيلتا هشتوكة والشياظمة .
وبالرغم من انتصار أحمد المنصور السعدي في معركة وادي المخازن فإنه ظل مسالما لإسبانيا التي اندرجت فيها البرتغال نحوا من 60 سنة متأرجحا بين السياسات الأوربية التي كانت تتجاذبها بهذا الصدد أطماع وأغراض سياسية فقد وجهت ايليزابيت ملكة انجلترا إلى أحمد المنصور رسالة تشكره على الوعد بإعانة الدون انطونيو المرشح لعرش البرتغال وتخبره بانهزام الأسطول الإسباني Invincible Armada في 10 غشت 1588 م كما توصيه بالأمير كريسطوف الذي وجهه والده انطونيو رهينة إلى ملك المغرب مقابل قرض مالي ووصل كريسطوف إلى آسفي مع مبعوث إنجليزي وكانت المراكز البرتغالية بالمغرب ما زالت محتفظة بحامياتها البرتغالية رغم الوحدة بين الدولتين مما حدا المنصور إلى الاعتقاد بأن هذه الحاميات تساند انطونيو وكان حامل جواب المنصور إلى لندن هو سفيره الرايس أحمد بلقاسم الذي اتصل أيضا بأنطونيو وقد وعد المنصور بتوجيه المال و العتاد والرجال بمجرد إعلان وصول أنطونيو إلى البرتغال ولكن حملة أنطونيو فشلت وأشيع أن المنصور يرغب في تسليم كريسطوف إلى ملك إسبانيا فلذلك طلبت إنجلترا من الباب العالي التدخل لدى المنصور لتسريح الأمير الشاب وفي هذا الوقت بالذات طلب المنصور من ملك اسبانيا أن يسلمه مولاي الناصر أخ محمد المسلوخ الذي فر إلى لشبونة غداة معركة وادي المخازن وكذلك ابن أخيه مولاي الشيخ الذي كان بالجديدة فكانت المساومة بين الطرفين غير أن اسبانيا اضطرت إلى إرجاع الناصر إلى المغرب لأنه حاول إثارة مسلمي الأندلس واستقر الناصر بمليلية واستنفر القبائل لمحاربة المنصور في وقعة الركن. وبموت أحمد المنصور السعدي ازدادت العلاقات المغربية الأسبانية قوة حيث ورد في (النزهة ) أن السلطان زيدان بن المنصور فر – بعد هزيمته أمام أبي محلي – إلى آسفي هاما بركوب البحر إلى بر العدوة
استمر الجهاد حول آخر معقل للبرتغاليين بالمنطقة ، وهو مازاكان وقد تزعم هدا الجهاد المجاهد العياشي المعروف ب محمد بن أحمد المالكي الزياني ( بفتح الزاي وتشديد الياء ) العياشي السلاوي ، أصله من قبيلة بني مالك بن زغبة من العرب الهلالية المستوطنة في بلاد الغرب ، وهو اقرب إلى بنو زيان القاطنون اليوم بأحد أولاد جلول بدائرتي القنيطرة وسوق أربعاء الغرب .
المصدر : http://www.doukkala24.com/?p=11620