دكالة 24:
في مشهد يعكس جدية غير معهودة في التعاطي مع ملفات الصفقات العمومية، رفض عامل إقليم سيدي بنور، السيد منير هواري، التوقيع على محضر التسليم النهائي لداخلية ثانوية ابن العربي بالجماعة الترابية اثنين الغربية، وذلك بعد زيارة ميدانية قادته إلى مختلف مرافق المؤسسة اليوم الخميس 21 غشت 2025.
اختلالات تثير الانتباه ، و غياب تحمل المسؤولية
الجولة التي شملت قاعة الإطعام والملاعب الرياضية كشفت منذ الوهلة الأولى عن عدد من الملاحظات السلبية، خاصة على مستوى أرضية الملاعب التي بدت دون المستوى المطلوب، ما دفع العامل إلى التساؤل بشكل مباشر عن مدى احترام شروط الجودة والمعايير التقنية.
الإجابات التي تلقاها لم تكن مقنعة، الأمر الذي جعل ممثل السلطة الإقليمية يتخذ قراراً صارماً برفض أي توقيع على محضر التسليم النهائي، إلى أن تتم معالجة كل الخروقات وتصحيح الاختلالات، موجهاً كلامه بشكل مباشر إلى السيدة المديرة الإقليمية المكلفة ، ومؤكداً أن التساهل في مثل هذه المشاريع لا يمكن أن يكون مقبولاً.
رسالة ضد الغش والتلاعب و هدر المال العام
هذا الموقف لم يكن عادياً، بل شكل سابقة تعكس يقظة عامل الإقليم في مواجهة الغش في بعض الصفقات العمومية، حيث جرت العادة في عدة مشاريع أن يتم القبول بأشغال غير مكتملة أو منجزة دون احترام الدفاتر التقنية، مقابل مصالح متبادلة بين بعض المقاولين والجهات المشرفة.
رفض العامل للتسليم النهائي اعتُبر رسالة قوية مفادها أن زمن التغاضي قد ولى، وأن حماية المال العام لا تقبل أي تهاون، خصوصاً إذا تعلق الأمر بفضاءات موجهة للتلاميذ الذين يفترض أن يستفيدوا من مؤسسات آمنة وسليمة تضمن لهم ظروفاً تربوية ملائمة.
ربط المسؤولية بالمحاسبة
الخطوة التي أقدم عليها عامل الإقليم تعيد الاعتبار لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجعل من المراقبة الميدانية ممارسة عملية لا مجرد شعارات. كما أنها توجه إنذاراً واضحاً لكل المتدخلين في المشاريع العمومية بضرورة الالتزام بأعلى معايير الجودة، وعدم التفكير في اختصار الطريق عبر الغش أو التلاعب.
موقف يُحسب للإدارة الترابية
متتبعون للشأن المحلي سجلوا أن هذا القرار يعد نقطة إيجابية لصالح عامل الإقليم، ويعزز ثقة الساكنة في الإدارة الترابية التي أبانت عن إرادة حقيقية في حماية المال العام، وربط المسؤولية بالرقابة المباشرة، وهو ما يعكس وعياً متزايداً بضرورة القطع مع ممارسات الماضي.
قراءة في الصورة ، لها أكثر من دلالة
الصورة المرافقة توثق للحظة وقوف عامل إقليم سيدي بنور إلى جانب عدد من المسؤولين المحليين والمنتخبين، خلال جولته التفقدية لداخلية ثانوية ابن العربي. ويبدو في المشهد أن العامل يشير بيده إلى أرضية الملعب التي أثارت الكثير من الملاحظات السلبية، في إشارة واضحة إلى الاختلالات التقنية التي رُصدت بعين المكان.
تعبيرات الوجوه ووقوف الجميع حول النقطة التي أثارها العامل تكشف عن حالة ارتباك وصمت لحظة توجيه الملاحظات الصارمة، وهو ما يعكس جدية الموقف وصرامة ممثل السلطة الإقليمية في ربط المسؤولية بالمحاسبة. كما أن تمركز العامل في قلب الصورة، وهو في وضعية ملاحظة دقيقة، يرسخ رمزية السلطة الرقابية التي تضع الجودة فوق أي اعتبار.
الصورة في مجملها تؤكد أن الجولة لم تكن بروتوكولية بقدر ما كانت عملية تفتيش دقيقة، وأن خطاب محاربة الغش لم يبق حبيس الكلمات، بل تحول إلى ممارسة ميدانية تجسدها هذه اللقطة التي قد تبقى شاهدة على تحول في طريقة تدبير المشاريع العمومية بالإقليم.