دكالة 24:
في مشهد يختزل حالة الانفلات التي تعرفها بعض المؤسسات التعليمية، تحوّلت ثانوية أولاد عمران التأهيلية إلى ساحة احتجاج عشوائي بعد أن أقدم عدد من الأساتذة على تنفيذ وقفات غير مرخصة داخل أسوار المؤسسة، في تحدٍّ صارخ للقوانين المنظمة و المساطر الادارية ولحرمة الفضاء التربوي.
هذه التحركات التي جرت خارج أي إطار قانوني أو نقابي مشروع، أدّت إلى الاخلال بالجو العادي للدراسة وتعطيل الحصص الدراسية، وحرمان عشرات التلاميذ من حقهم في التمدرس، كما كان للشعارات المرفوعة وقع سلبي على نفسية و سلوك المتعلمين ، و اشارة قوية عن التسيب و التهاون في القيام بالواجب بتواجدهم داخل أقسام الدراسة ، و هي كلها أفعال معاقب عليها ، وسط صمت مريب من المدير الاقليمي الذي وقف موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيه.
مصادر تربوية من داخل المؤسسة أكدت أن بعض المشاركين في هذه الوقفات سبق أن صدرت في حقهم عقوبات تأديبية بسبب إخلالات مهنية سابقة، و يواجهون ادارة المؤسسة للتغطية عن غيابات متكررة و تأخرات ما يشكل هدرا لزمن المتعلم ، كما أنهم يسلكون هذه المواقف لزرع الفوضى والإرباك داخل الحرم التربوي، دون أن تمتد إليهم يد المساءلة أو الردع من طرف المدير الاقليمي .
في المقابل، يوجّه عدد من الفاعلين التربويين والحقوقيين اتهامات مباشرة للمدير الإقليمي، معتبرين أن تهاونه في تطبيق القوانين وتغاضيه عن هذه السلوكيات شجّع على التسيب والاستهتار بالمسؤولية، في وقت يتطلب الوضع حزمًا إداريًا يحمي مصلحة المتعلمين وهيبة المؤسسة العمومية ، مطالبين بايفاد لجنة تقصي عاجلا مطلع الأسبوع المقبل .
ويرى متتبعون أن ما حدث بثانوية أولاد عمران التأهيلية ليس سوى انعكاس لتغاضي المدير الاقليمي في تفعيل المساطر الادارية في حق المخلين مع غياب إرادة حقيقية في فرض النظام والانضباط داخل المؤسسات التعليمية بالإقليم. كما يطالبون وزارة التربية الوطنية بإيفاد لجنة تحقيق مركزية للوقوف على خلفيات ما يجري، وتحديد المسؤوليات بدقة، واتخاذ إجراءات زجرية عاجلة في حق كل من تورّط في عرقلة السير العادي للمرفق العمومي.
فالمؤسسة التعليمية، كما يقول أحد الأساتذة الغيورين، “ليست ساحة للتجاذبات ولا منبرًا لتصفية الحسابات، بل فضاء للعلم والانضباط والقدوة”. فمتى تُستعاد هيبة المدرسة العمومية إذا كان القانون يُنتهك داخل أسوارها دون رادع؟
ما يجري في ثانوية أولاد عمران التأهيلية ليس حدثًا معزولًا، بل جرس إنذارٍ يقرع بشدة في وجه من يستهين بحرمة المدرسة المغربية. و إن صمت المدير الإقليمي، وهو المسؤول الأول عن النظام والانضباط التربوي، لا يُعدّ حيادًا بل تواطؤًا بالصمت، يُغذي ثقافة الإفلات من العقاب ويدمر الثقة في الإدارة التربوية.
السلطات المحلية خصوصا على مستوى دائرة أولاد عمران و القيادة و الدرك الملكي قصد تتبع ما يجري داخل ثانوية اولاد عمران التأهيلية من طرف بعض الأساتذة ، خصوصا و أنها شهدت في الأيام الماضية احتجاجات عارمة للتلاميذ بما يغدي الفوضى و الشغب داخل المؤسسة ، كما أن وزارة التربية الوطنية مدعوة اليوم إلى التحرك بحزم، لأن المدرسة التي تُترك للفوضى تفقد معناها، والمرفق العمومي الذي لا يُصان بالقانون يُهدر ببطءٍ كرامة المتعلم والأستاذ معًا.
فهيبة المدرسة ليست شعارًا يُرفع، بل موقفٌ إداري مسؤول يُحاسَب عليه كل من قصّر.