دكالة 24:
شن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت هجومًا على مدبري الشأن المحلي بالجماعات الترابية، محذرًا من أي تواطؤ أو استحواذ على أراضي الجماعات أو اختلاس للمال العام. جاءت هذه التصريحات خلال مناقشة مشروع قانون المالية أمام نواب الأمة، مما فتح الباب أمام موجة مساءلة جديدة تلوح في الأفق.
أكدت وزارة الداخلية، من خلال كلمات وزيرها، على عزمها وضع حد لجميع التجاوزات التي تشوه سمعة الجماعات الترابية. وركز التحذير على ممارسات السطو على الملك الجماعي واختلاس الأموال العمومية من خلال صفقات وسندات الطلب، في إشارة إلى اختلالات كبيرة تم رصدها.
لاقت النبرة الحادة للوزير ترحيبًا في أوساط الفاعلين الحقوقيين، الذين ينتظرون حملة واسعة ضد منتهكي المال العام. وعلّق رضوان دليل، الممثل القانوني للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، بأن تصريح الوزير يمثل مطلبًا أساسيًا للحقوقيين والفاعلين المدنيين، بهدف تنقية المشهد السياسي والجماعي من الأشخاص الذين يسئون إلى العمل الجماعي والمنتخب النظيف.
وطالب دليل وزارة الداخلية بعدم اقتصار الأمر على التصريحات، بل المضي قدمًا في حملة واسعة تشمل فتح ملفات رؤساء الجماعات وإيفاد لجان تفتيش إلى الجماعات التي ظلت بعيدة عن أعين الرقابة، خاصة في بعض الأقاليم. وأشار إلى وجود مراسلات وشكايات عالقة لدى مصالح العمالات ووزارة الداخلية تحتاج إلى تفعيل وإخراجها إلى حيز التنفيذ.
التحليل القانوني والتدبيري:
من جانبه، أوضح عبد الرحيم أضاوي، الأستاذ الباحث في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة، أن استقلالية الجماعات الترابية مالياً وبشرياً وإدارياً لا تعفيها من المراقبة الإدارية التي تقوم بها وزارة الداخلية. وأشار إلى أن المقاربة القانونية الحالية لا تكفي وحدها لمواجهة الاختلالات التي تعرفها أملاك الجماعات، والتي تضر بالتنمية الترابية.
وأكد أضاوي أن تحرك وزارة الداخلية للوقوف على هذه الاختلالات سيساهم في الحد منها، خاصة بعد التأكيد على أن الوزير لن يتسامح مع أي شخص استولى على أرض أو درهم من الجماعة بدون موجب قانوني. ولفت إلى أن الاختلالات تنقسم بين تلك الصادرة عن المواطن أو الموظف الجماعي، وتلك الصادرة عن المدبر العام المحلي، أو الناتجة عن التواطؤ بين الطرفين، مما يؤدي في النهاية إلى ضياع أملاك الجماعات.
تُظهر التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية اتجاهًا جديدًا نحو تشديد الرقابة ومحاسبة المتورطين في اختلاس المال العام والتجاوزات بالجماعات الترابية. ويبقى السؤال المطروح هو مدى ترجمة هذه التصريحات إلى إجراءات ميدانية فاعلة،تستجيب لتطلعات الحقوقيين والمواطنين نحو شفافية ونزاهة أفضل في التدبير المحلي.








