إقليم سيدي بنور بين تزيين الواجهات الحضرية و تهميش العمق القروي

doukkala24
استطلاعات
29 يناير 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
إقليم سيدي بنور بين تزيين الواجهات الحضرية و تهميش العمق القروي

دكالة 24:عبد اللطيف عيوش ayouch sabta1 - دكالة 24

بعد مضي قرابة عقد من الزمن على ترقية إقليم سيدي بنور إلى عمالة  ، هناك عدة تساؤلات مشروعة تطرح نفسها حول مآلات التنمية البشرية في هذا الإقليم الغني اقتصاديا من حيث الأرقام ، لكن الهشاشة تضرب اطنابها بين فئات عريضة من ساكنته رغم الأموال الطائلة التي صرفت عليه سواء في برامج إعادة التأهيل أو برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو مشاريع المخطط الأخضر.

لا ينكر إلا جاحد الأوراش التي فتحت في إطار إعادة تأهيل المراكز الحضرية و التي تهم البنية التحتية بالأساس ، لكن هذا لا يعني عدم وجود أوراش متعثرة في الإنجاز في مدن الإقليم من جهة ، و انعدام رؤية تنموية تحدد الأولويات في وضع بنية تحتية و سياسة عمرانية تشجع على تحفيز الاستثمار وذلك  بإقامة مناطق صناعية وحرفية لتثمين المنتوج المحلي الفلاحي و السياحي و حتى الطبيعي و التاريخي ، و ما يرتبط بذلك من خلق فرص الشغل و إنتاج الثروة من جهة ثانية  ، و حل مشكل السكن و البناء العشوائيين و ما تعانيه ساكنتهما من إقصاء و تهميش من جهة ثالثة مع المحافظة بالطبع على وضع بيئي سليم في مواجهة مختلف أشكال التلوث .

و إذا كان تزيين الواجهات الحضرية بالإقليم لم يستطع تحقيق الدينامية التنموية المطلوبة بسبب طغيان الهواجس الانتخابية على الفاعلين السياسيين ، فإن المجال القروي لم يكن أحسن حظا رغم أنه المجال المنتج للثروات بسبب الإفتقار إلى برنامج عملي حقيقي و جريء يثمن منتوجات الإقليم من حليب و حبوب و لحوم و شمندر يجعل الفلاحين الحلقة الضعيفة في عوامل الإنتاج رغم التعليمات الملكية بضرورة وضع الشروط الذاتية و الموضوعية لنشأة طبقة وسطى في العالم القروي بمساعدة من برامج الدولة و تمويلاتها و التي يجهلها أغلبية سكان الريف البنوري .

و لعل غياب النخب المثقفة عن تدبير الشأن العام المحلي مع استثناءات قليلة في العالم القروي و ضعف ميزانية الجماعات الترابية و قصور عمل العديد من المؤسسات كمكتب الاستثمار الفلاحي الجهوي بالخصوص عن القيام بدوره في تأطير الفلاحين و تعريفهم بالبرامج التي وضعتها الدولة لتشجيع الاستثمار الفلاحي في الزراعة و تربية الماشية من خلال إقامة وحدات للتجميع و التثمين ، بالإضافة إلى عجز مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية رغم الأموال المرصودة عن تغيير مؤشر التنمية البشرية من دخل فردي و صحة و تعليم مما يفرض إعادة تقييم و تصحيح مسارها لجعلها أكثر فعالية في تقليص الخصاص الذي يعاني منه العمق القروي بفئاته الاكثر هشاشة .

إن الحديث عن أي تنمية بشرية للعمق القروي الهش بالإقليم لا يمكن أن يكون بمعزل عن رفع العزلة عنه ، فرغم المجهودات التي بذلت في هذا الصدد لكن هناك تباينات مجالية فالهلال المهمش الممتد من كريديد إلى العونات ما زالت بنيته الطرقية هشة لدرجة أن هناك محاور طرقية لم يتم إصلاحها منذ عقود مما جعل هذه المناطق طاردة للسكان و تعرف هجرة قروية قوية  نتيجة العزلة و الجفاف الهيكلي و عدم وجود سياسة استباقية للحد من ذلك .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!