دكالة 24: بقلم: الأستاذ محمد عيدني – فاس
أثار قرار لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، القاضي بسحب بطاقة الصحافة المهنية من مدير نشر الصحيفة الإلكترونية “إكسبريس” لمدة سنة، جدلاً واسعًا في الأوساط الإعلامية. القرار جاء على خلفية بث شريط مصور تضمن دعوة صريحة إلى العنف والقتل، وعرض صور وتصريحات لقاصرين في خرق واضح لمقتضيات ميثاق أخلاقيات المهنة، ما أعاد إلى الواجهة النقاش القديم-الجديد حول مهنية الصحافة الرقمية وحدود الحرية والمسؤولية.
إن هذا القرار الصارم لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات التي تعرفها الساحة الإعلامية الوطنية، والتي طفت على سطحها في السنوات الأخيرة ممارسات إعلامية غير مهنية، يغيب فيها التأطير والتكوين، ويحضر فيها منطق “البوز” والرغبة في جلب المتابعين بأي ثمن.
فالكثير من المنابر الإلكترونية أصبحت تُدار بعقلية التسويق الرقمي أكثر من روح العمل الصحفي، مما يجعلها أحيانًا تنزلق إلى ممارسات تسيء إلى المهنة وتُهدد مصداقيتها.
وفي غياب مؤسسات إعلامية حقيقية تؤطر وتواكب أداء المراسلين، يتحول الإعلام إلى فضاء مفتوح للفوضى المهنية، تُختزل فيه الرسالة الصحفية في مجرد “مشاهدة” أو “ترند”.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: من يتحمل المسؤولية؟
هل هو الصحفي الذي يتجاوز حدود الميثاق الأخلاقي؟ أم مدير النشر الذي يغضّ الطرف عن التجاوزات؟ أم أن المسؤولية تمتد لتشمل أيضًا الوزارة الوصية التي لا تقوم بالدور الكافي في التكوين والمواكبة والمراقبة؟
كما أن وزارة الاتصال مطالَبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتعزيز برامج التكوين والتأطير، ووضع آليات تتبع ومراقبة واضحة، حتى يعرف كل فاعل إعلامي حدوده المهنية ومسؤولياته القانونية.
فالإعلام الحر لا يُبنى على الفوضى أو على الإثارة، بل على المسؤولية والوعي بخطورة الكلمة وأثر الصورة في تشكيل الرأي العام.