دكالة 24 :أحمد مسيلي
عرفت المحلات التجارية والأسواق الأسبوعية خلال الأيام القليلة الماضية من شهر رمضان زيادة صاروخية في أسعار بعض المواد الغذائية الضرورية جعلت الجميع يشتكون ويعبرون عن استيائهم خصوصا ذوو الدخل المحدود و أولئك الذينحولتهم قرارات الحكومة الى معطلين ” بيطالة” في شهر الصيام بسبب الوباء اللعين كوفيد 19 و فصيلته…
فأسعار الخضراوات والفواكه شهدت زيادة استقبلها المواطنون بإقليم سيدي بنور بنوع من الاستنكار والسخط حيث لم يعد يقدر على شرائها بعض منها سوى القليل منهم في الوقت الذي صار فيه البعض الآخر يشتري نصف الكمية التي اعتاد عليها منذ سنوات مكتفيا بالقليل الذي يسد الاحتياجات الأساسية خلال هذا الشهر الكريم ، بل ويجهد نفسه في البحث عن الأرخص في الأسواق المختلفة حتى يتمكن من تلبية مقتضيات معيشته ، وبين اختيار المحلات التجارية والأسواق كقبلة للتسوق نجد تضاربا في الآراء، فحسب السيد نور الدين أحد المتسوقين يقول : ” المحلات التجارية تغتنم الفرص لتقديم بعض التسهيلات والتخفيضات الطفيفة في أسعار بعض المواد كي تجذب المستهلكين الذين يعانون كثيراً من غلاء الأسعار في الأسواق الأخرى وتمثل ملاذاً لمحدودي الدخل الذين لم يعودوا قادرين على مواجهة غلاء الأسعار التي ارتفعت بشكل مقلق … ” وأشار السيد نور الدين أن المحلات التجارية تقوم بعمل عروض كثيرة لتخفيض أسعار السلع و ذلك كله لضرب المواطن في ماله و صحته ، بحيث يكثر الغش في السلع و يتم التظاهر على أن هناك تخفيضات ، ولذلك فإن هذه العروض تمثل فرصة جيدة للمستهلكين من أصحاب الدخل المحدود المغلوبين على أمرهم لشراء احتياجاتهم الأساسية ولم يفته في هذا السياق بتوجيه طلب إلى الجهات المعنية في مجال مراقبة الأسعار وجودة السلع أن تقوم بدورها للحد من الزيادات الاعتباطية والغش الذي يطال بعضها بينما زبون آخر صرح للجريدة قائلا : ” اشعر بثقل كبير و اختناق شديد جراء ما تعرفه اسعار الخضر و الفواكه و اللحوم … من زيادة في هذا الشهر لتزداد معاناتنا على ما نعانيه من بطالة بسبب الحجر الصحي ولذلك فإنني أتردد على الأسواق الشعبية لعلي أجد فيها أسعاراً مخفضة عن المحلات والدكاكين الأخرى التي طغت ولم تعد تعير اهتماما للقوانين في ظل غياب تفعيل دور الهيئات المعنية بحماية المستهلك والتدخل الايجابي لأجل وضع حد لهذا الارتفاع الغير مبرر . كما يجب على المسؤولين إيجاد حلول جدية لأزمة غلاء الأسعار التي اجتاحت الأسواق بشكل مخيف ومقلق في نفس الوقت حيث لم يعد في مقدور البسطاء مجابهة هذا الغلاء الشديد ” ويضيف هذا الزبون قائلا :” أتقاضى معاشا شهريا يقدر بحوالي 1100 درهماجائحة كورونا أفقدتنا العمل و لم يعد أمامي سوى السلف من الأقارب أو التسول لكي أوفر مبلغا من المال يفي بنفقات المعيشة العادية من كراء وطعام وكساء … ورغم غلاء الأسعار والزيادة في أثمان المواد في أكثر من مناسبة فان الله لا ينسى عبده الضعيف … “. ثم نظر الى الأرض مطولا و هو يستجمع أنفاس ” الله اصاوب أو صافي ” أما السيد العربي البالغ من العمر 52 سنة فيصرح للجريدة بالقول : ” أسعار المواد الغذائية شهدت ارتفاعا غير مسبوق ، والأغرب من كل ذلك هو أن الجهات الرسمية تنفي أية زيادة في المواد الأساسية مما يجعلنا نلمس كون ما يحدث من زيادات في أسعار بعض المواد لا تجد مبررا معروفا لها ، فالمواطن البسيط لم يعد يقدر على مواجهة موجات الغلاء التي أصبحت تتغير من سيء إلى أسوأ دون أن ترحم أحدا .” ويضيف والقلق باديا على ملامحه : “حالة الغلاء هذه أدت إلى ظهور وانتشار حالة التسول بين الناس بشكل ملفت للنظر لأنهم وجدوا أنفسهم غير قادرين على ادخار أموال لمواجهة الحياة المعيشية خصوصا في هذا الشهر المبارك في ظل المنع المفروض على الجميع بسبب الوباء… “
أصبحت الأسعار تطارد الناس في كل شيء بحيث لا يوجد الآن أي نوع من أنواع المواد الغذائية لم تطله هذه الزيادة وهذا يمثل عبئاً على كاهل المستهلكين فقد ارتفعت أثمنة الخضراوات والفواكه واللحوم وكذلك بعض المعلبات بزيادة تختلف نسبها خصوصا تلك التي يوجد عليها إقبالا لأنها تعتبر أساسية والتي لا يمكن الاستغناء عنها الأمر الذي يلزم السيد عامل اقليم سيدي بنور التدخل لأجل فرض احترام القانون عن طريق المتابعة والرقابة الصارمة حتى لا يترك الحبل على الغارب للتجار ومضارباتهم ويكون الضحية هو المستهلك.
وبخصوص اللحوم تبقى الدواجن هي المصدر الرئيسي للعديد من الأسر ورافدا مهما لتغذيتهم في هذا الشهر الفضيل بالإضافة إلى سمك السردين لأنها تبقى في متناولهم ( 13 درهم للكيلوغرام ) لذلك فهي متوفرة بكثرة تلبي احتياجات المستهلكين والسوق المحلي عكس اللحوم الحمراء التي لامسنا تراجع الإقبال عليها نظرا لغلائها كما أن البيض يعرف إقبالا كبيرا جعل من ثمنه هو الآخر يعرف ارتفاعا حيث وصل ثمن البيضة الواحدة درهم و نصف مما يعني معه أن ثمن العلبة الواحدة من البيض هو 45 درهما .
وسط مدينة سيدي بنور على الطريق المؤدية إلى مدينة خميس الزمامرة توجد ” سويقة شعبية ” كما يسميها الساكنة وهي مكان يقصده كافة الساكنة ، حيث تمتلئ يوميا وتعرض فيها جميع أنواع الخضر والفواكه وغيرها من المواد الاستهلاكية لذلك قررنا زيارتها قصد الوقوف على بعض ما يعانيه المتسوقون والباعة على حد سواء ، فبعد جولة بسيطة بداخلها تبين لنا ومن خلال أعداد الزبناء مدى أهميتها في حياتهم المعيشية بهذه المدينة الدكالية ، وهكذا ونحن نتجول بداخلها لامسنا وجود تفاوت في الأسعار سواء تعلق الأمر باللحوم الحمراء أو السمك أو الفواكه وكذا الخضر ناهيك عن المواد الأساسية الأخرى كالدقيق والزيوت و غيرها من المواد الأساسية في حياة المواطنين ، فالكيلوغرام الواحد من البطاطس بلغ 4 دراهم والطماطم 5 دراهم والجزر 3 درهم و البصل 1,50 دراهم البدنجان 7 دراهم الفلفل الأخضر 7 دراهم الليمون 6 دراهم الموز 13 دراهم التفاح 12 درهم و اكثر حسب النوع… الكيلوغرام الواحد من لحم البقر 70 درهما الدجاج حي 17 درهما سمك السردين 13 دراهم للكيلو … دون الخوض في الحديث عن ثمن باقي السلع من المواد الأساسية.
في جانب من السويقة يلفت انتباهك مجموعة من النساء اللواتي يعرضن بعض العجائن والفطائر فوق موائد خشبية ، حيث نجد الخبز والمسمن والبغرير والرزيزة والثريد … ، تجدهن يتتبعن كل متسوق يمر بجوارهن حيث يعرضن عليه سلعتهن بطرق مختلفة ، فالسيدة فاطمة ترحب بالزبائن بالقول ” آش خاصك أسيدي ، مرحبا بك خذ … ” أما السيدة نعيمة فتعلن للجميع كون سلعتها جد جيدة لا تضاهيها الأخرى فتجدها تقول ” زيد ، هاك ، على تقليدي لصنعته بيدي وهو متقون الطهي ، هل تريد خبز الشعير أم البغرير أم الثريد ، خذ ما تريد ، أكيد أنك ستعود مرة أخرى عندي حين تتذوق سلعتي … ” تختلف الجمل والحركات في استمالة الزبون الذي يجد نفسه في بعض الأحيان محرجا ، فيشتري منهن بعض الأشياء خصوصا وأن أثمنتها في المتناول ، بجانبهن يوجد بعض بائعي النعناع و المقدونس و القزبر … التي يكثر الإقبال عليها هذه الأيام الرمضانية، يضع البائع سلعته على عربات مدفوعة بجانبهم أصحاب البذلة البيضاء من بائعي مادة الحليب 6 درهم اللتر الواحد و اللبن 5 دراهم اللتر الواحد و الزبدة 70 درهما للكيلوغرام الواحد و ترمز البدلة البيضاء التي يرتديها هؤلاء الى حرصهم والتزامهم بالنظافة والنقاء حفاظا على صحة المستهلك حسب تعبير أحد الباعة. من جانب آخر نجد بائعي الثمور و الحلويات و الشباكية المختلفة الاشكال ، فالثمور تعددت انواعها بين المحلي و المستورد و تراوحت أثمنتها ما بين 20 رهما الى 90 درهما للكيلو غرام حسب النوع و الجودة و هناك أنواع اخرى من الثمور فاقت تلك الاثمنة أما بخصوص الحلويات فهي متوفرة و أثمنتها غير موحدة لاختلاف أشكالها و أنواعها و التي تظل بين 40 درهم و 80 درهم للكيلو غرام أما ” الشباكية ” فقد ملئت أركان السويقة بها حيث تجد بائعيها في كل مكان و قد وضعت في صحون كبيرة بيضاء تفنن صانعوها في تحضير اشكال مختلفة منها و بمذاق مميز لكل نوع الامر الذي يجعل أثمنتها تتراوح ما بين 20 درهم و 50 درهما للكيلوغرام .
بحي بام بسيدي بنوربالقرب من المسجد يعرض مجموعة من الباعة سلعهم المختلفة و المتمثلة في بيع الفواكه و الخضر و الثمور و الزيت و الحلويات ، و كذا بيع الخبز و البغرير و التريد و الاسماك… لذلك فالمكان يعرف بين الفينة و الأخرى اختناقا مروريا ينجم عنه صراعات ينسبها الأغلبية الى ما يسمى ب ” الترمضينة ” و هي صراعات غالبا ما يكون السبب الرئيسي فيها عدم المسامحة و تقدير الآخر و استحضار فضائل هذا الشهر الكريم ، كما أن الأزبال من مخلفات السمك و الخضر و غيرها تثير سخط الساكنة المجاورة التي سئمت من استنشاق الروائح الكريهة و سماع كلام يخدش الحياء ، بهذه السويقة تجد جميع أنواع الفواكه و الخضر و التي تظل أثمنتها دون متناول المواطن البسيط الذي ظل و لازال يكتوي بنارها .
ورغم تذمر المستهلكين وشكواهم من غلاء الأسعار ، فالملاحظ عند زيارة بعض المحلات التجارية أو ” السويقة ” فهناك ازدحام للزبناء يصعب معه في بعض الأحيان المرور إلى الوجهة الموالية أو حتى إلقاء نظرة على بعض لوائح الأثمنة المثبتة هناك خصوصا في فترة ما بعد صلاة العصر ، ومهما ارتفعت الأسعار ، فالكل ينفق من أجل عيشته قدر المستطاع و يجعل مائدة افطاره متنوعة بالمأكولات الى جانب الشربة المشهورة ” لحريرة ” رغم ما تعرفه الاسعار من اشتعال ناري يحرق الجيوب و يثير الأعصاب و يصيب الرأس بالصداع زادها قرار الحظر الصحي .