دكالة 24:أيوب عبد النور
لما يعجز البعض عن مجاراة الفكرة، يهرب إلى تزويق العبارة، وعندما يعجز عن احترام الناس، يلبس قناع “حامي اللغة” و”ناقد البيان”، ناسياً أن من يتطاول على الآخرين بحجة حماية البلاغة، هو آخر من يحق له الحديث عن الأخلاق أو القيم.
أولًا، سُمِّي البيان بيانًا لما يُفصح عنه من مواقف، لا لما يُرضي ذوقك الأدبي أو يُشبع غرورك اللغوي. فإن كنت ترى فيه “خربشة”، فربما لأن ما ورد فيه أصابك في مقتل، لا لأنه افتقر للأسلوب.
ثانيًا، لا علاقة للأخلاق بقدرتك على صرف الأفعال وإعراب الجمل. بل الأخلاق تظهر حين تختلف دون أن تسبّ، وحين ترد دون أن تنهار إلى مستوى السباب والازدراء. البيان الذي أغضبك لم يحمل إساءة شخصية، أما ردّك، فمليء بالطعن في النوايا والأعراض.
أخيرًا، البيان يبقى فعلًا تواصليًا، يحتمل القبول والرد، أما البيان الذي كتبتَه، فهو شهادة على أزمة أعمق: أزمة احترام، أزمة من يظن أن امتلاك اللغة يعني امتلاك الحقيقة، ومن يخلط بين النقد والتشفي.
نختم بقول المتنبي:
إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ… فهي الشهادة لي بأني كامل