شخصيات ذكرهم التاريخ : الظاهر بيبرس الحلقة 6

doukkala24
اسلاميات
19 أبريل 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
شخصيات ذكرهم التاريخ : الظاهر بيبرس الحلقة 6

دكالة 24:عدنان حاد

– 6 –

اسمه بالكامل هو ركن الدين بيبرس البندقداري، من أصل تركي ولد تقريباً في عام 620هـ – 1223م بمنطقة القبجاج قريباً من نهر الفلوجا بوسط أسيا، وقد وقع بيبرس في الأسر من قبل المغول  وتم أخذه من بلاده حيث بيع في دمشق لرجل يدعى ” العماد الصايغ” ثم اشتري عن طريق الأمير علاء الدين أيدكين الملقب بالبندقداري والذي أخذ منه بيبرس لقبه بعد ذلك فأصبح “بيبرس البندقداري”، انتقل بيبرس بعد ذلك من الأمير علاء الدين إلى الملك نجم الدين أيوب الذي قام بمصادرة جميع أملاك الأمير علاء الدين والمماليك أيضاً، وانضم بيبرس إلى فرسان المماليك البحرية تحت قيادة الأمير أقطاي، وبدأ تفوق بيبرس كفارس يتجلى ويظهر بوضوح وخاصة في موقعة المنصورة والتي برز أداء بيبرس فيها كقائد في الوقوف في وجه الحملة الصليبية والقضاء عليها، وأسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا، كما برز أدائه كفارس في العديد من الصراعات الداخلية التي أشترك فيها مع قائده أقطاي.

الظاهر بيبرس هو أحد الحكام الذين تمكنوا من خط سيرتهم في التاريخ بخطوط بارزة، بما قاموا به من إنجازات عديدة، ما تزال العديد من المعالم الأثرية المتبقية من عصره واقفة لتشهد على مدى ازدهار عصره ومدى حرصه على النهضة بالبلاد، هذا على الرغم من البداية السيئة التي وصل بها للحكم بعد قيامه بالاتفاق مع عدد من الأمراء على قتل سلطان البلاد سيف الدين قطز فكان صاحب الضربة التي أودت بحياة السلطان ثم تم تنصيبه سلطاناً للبلاد خلفاً لقطز لتبدأ مرحلة جديدة من الحكم. ولقد كان بيبرس بالفعل فارس متميز ظهرت براعته في العديد من المعارك، والتي تأتي على رأسها معركة عين جالوت وذلك في عام  658هـ – 1260م، والتي برز بها أدائه كفارس وكان واحداً من أبطالها.

بعد تحقيق النصر في معركة عين جالوت أتجه تفكير بيبرس إلى الملك والسلطة وأوغل قلبه العديد من المحيطين به نحو السلطان قطز مما أشعل نيران الحقد في قلبه، ومما زاد من اشتعال الموقف رفض قطز إعطاؤه ولاية حلب حيث اعتبر ذلك نوع من الإهانة له وتقليل من جهوده المبذولة في المعركة ضد التتار، فعقد العزم على تدبير مؤامرة هو وعدد من رفاقه من أجل اغتيال قطز، وقد كان فأقدم على طعن قطز طعنة أودت بحياته، وجاء من بعده ليتولى مقاليد الحكم في البلاد.

جلس بيبرس على عرش مصر ليخلف السلطان الراحل قطز وتم إطلاق لقب الملك الظاهر عليه، وعلى الرغم من سياسية اللين الذي أتبعها بيبرس إلا أنه كان ينتهج الشدة والحزم مع الأعداء الخارجيين، كما عمل على القضاء على الفتن والمؤامرات والثورات التي نشبت في البلاد عقب توليه الحكم، وكان أشد هذه الثورات اثنان نشبت الأولى في دمشق وكان على رأسها الأمير علم الدين سنجر الحلبي الذي أعلن التمرد ونادى بنفسه سلطاناً وتمكن بيبرس من السيطرة على الموقف حيث أرسل إليه جيشاً جلبه أسيراً إلى القاهرة.

أما محاولة التمرد والثورة الثانية جاءت في القاهرة من قبل أحد رجال الشيعة الذي حاول تجميع عدد من الشيعيين حوله من أجل القيام بمحاولة تمرد وثورة وقام هو ومن معه بالاستيلاء على الخيول والأسلحة وأقاموا الثورات ولكن لم تستمر هذه الثورة كثيراً حيث سارع بيبرس بالقضاء عليها وأمر بجلد قائدها هو ومن معه.

قام بإحضار ” أبو العباس أحمد” وجعله خليفة للمسلمين وبايعه على العمل بكتاب الله وسنة نبيه وهكذا أصبح هناك خليفة للمسلمين مرة أخرى، وعلى الرغم من وجود الخليفة إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد بيبرس.

كما عمل بيبرس على مد نفوذه إلى العديد من البلدان حتى وصل إلى الحجاز، وقضى على أعدائه وأعداء الدولة المملوكية، وقضى على حاكم الكرك الملك “عمر بن العادل الأيوبي” والذي كان يناصب بيبرس العداء فاستولى بيبرس على الكرك وقام بتعيين والي عليها.

ومن الأمور الهامة التي قام بها بيبرس سعيه من أجل القضاء على ما تبقى من الصليبين والمغوليين المتربصين بالدولة الإسلامية، فعقد الاتفاقيات والمعاهدات، وتأكد من تماسك جبهته الداخلية وجهز الجيش من أجل الخروج لتأمين جبهته الخارجية أيضاً فبدأ في شن الغارات على الإمارات الصليبية ، كما عمل على استرداد ما في أيديهم من أراضي، وبالنسبة للمغول فقد قام بالتحالف مع ” بركة خان” هذا الزعيم المغولي الذي أعلن إسلامه ووطد علاقته به من أجل أن يأمن جانبه ويتحالف معه ضد مغول هولاكو وأولاده واللذين كانوا يفرضون سيطرتهم على العراق وفارس.

عمل بيبرس على إعداد الجيش والأسطول وتجهيزهم بجميع المتطلبات اللازمة لهم من أسلحة وعتاد، فتمكن من تحقيق العديد من الانتصارات على الساحتين الصليبية والمغولية، ومن انتصاراته الصليبية نذكر فتحه لقيسارية، وأرسوف، قلعة صفد، يافا، واختتمت بفتح أنطاكية والتي كانت تعد الحصن الحصين للصليبيين فحقق انتصاراً باهراً بفتحه لهذه المدينة.

كما حقق انتصارات عديدة على المغول في موقعة البيرة وحران، ورد هجمات المغول المتتابعة على بلاده، إلي أن قضى عليهم نهائياً عند بلدة أبلستين وذلك في عام 675هـ ، وبذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تأمين لجبهته الخارجية وحدود دولته.

جاءت وفاة بيبرس في الثامن والعشرين من محرم عام 676 هـ  – والثاني من مايو 1277م ، بعد حياة حافلة قضى حوالي 17 عام منها في الحكم، تولى من بعده أكبر أولاده ناصر الدين الحكم، إلا أن أولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلاً وذلك نظراً لطمع المماليك في الحكم فتم قتل أولاده، وتولى الحكم أحد أمراء المماليك والذي عرف باسم سيف الدين قلاوون الألفي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!