في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الحادية عشرة

doukkala24
المجتمع المدني
24 أبريل 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الحادية عشرة

دكالة 24:

استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.

خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى  وأعلام  المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.

— إعداد: أحمد مسيلي —– الحلقة 11

بدأ تمرد بعض قبائل دكالة على السعديين انطلاقا من  سنة 1612 م ، ودلك عندما دخلت عساكر أبي محلي إلى عبدة ، وانضمت إليه فروع من دكالة معلنة تمردها على زيدان ، ورغم استثبات الأمن لزيدان من جديد ، فلم ينجح في إعادة النظام داخل دكالة ، فعمت الفوضى وانتشر قطاع الطرق ، وفي سنة 1624 م استطاع زيدان أن يعبر دكالة نحو آزمور وسط جيش كثير العدد ليدشن بداية الأشغال في ميناء اعتزم بناءه على المدينة ، وبعدها أوعز سان ماندريي  St. Mandrier المهندس الفرنسي إلى السلطان مولاي زيدان ببناء مرسى في الوليدية نظرا لكون الجديدة والمعمورة والعرائش كانت في قبضة المسيحيين وأكَادير في يد ثوار السوس وآسفي هي المرسى الملكية الوحيدة وكان يود أن تتكفل فرنسا بالبناء وبالفعل تأسست شركة فرنسية لهذا الغرض غير أن المولى زيدان فضل تحمل نفقات الإنجاز فرسم تصميما واستخدم اختصاصيين هولنديين لنسف صخور الشاطئ فثارت قبيلة دكالة ضد وجود الهولنديين بدافع من عائلة بالاش اليهودية فعدل السلطان عن المشروع واكتفى مولاي الوليد ببناء قصبة ويرى صاحب المستندات الغميسة أن المولى زيدان هو الذي قتل المهندس ماندريي عام 1626م وقد كان من أهداف الميناء صيد العقيق واستخلاص الأملاح والوليدية قرية بين آسفي وتيط تنسب إلى الوليد بن زيدان بن أحمد المنصور السعدي الذي قتله الأعلاج عام  1045 هـ / 1635 م  وبين الوليدية ومشتراية أو الغربية وهي الآن خراب واحد وعشرون كيلومترا  وبعد مقتل المولى الوليد بسنة واحدة وجهت أنجلترا الأميرال روبير بليك Robert Blake عام 1046 هـ/ 1636 م للحصول على حظها في الغنيمة وقد حظي الأميرال بعطف مولاي محمد الشيخ الأصغر بمراكش فساعده على تحرير ثلاثين أسيرا أنجليزيا ومنحه حق احتكار صنع وإصدار ملح البارود وكذلك مكس مرسى آسفي ومرسى الوليدية Ayer وعندما استولى كوم الحاج على عرش مراكش استطاع أن يخضع دكالة إلى حكمه لمدة قصيرة ما بين 1659 م – 1661 م

في عهد مولاي إسماعيل ، تاريخ دكالة غير ذي أهمية ، فقبائلها ساهمت في تكوين جيش العبيد بتقديم عدد منهم ، وقد رابط جزء من هدا الجيش في قصبة ” أدخشان ” وتبعا لسياسة المولى إسماعيل لحفظ الأمن أقام عدة قصبات بأنحاء المغرب خاصة على طول الطرق التجارية لحماية القوافل التجارية من غارات قطاع الطرق أو حول القبائل الثائرة لحراستها ومنع ثورتها وتنقلها ، وفي هدا الإطار أقام قلعة بولعوان التي رابطت بها حامية عسكرية لهدا الغرض .

وبعد وفاته تمردت قبائل دكالة على السلطان مولاي عبد الله وناصرت المستضيء ، لدلك نظم مولاي عبد الله حركة نحوهم سنة 1744 م ووصل إلى قصبة بولعوان حيث عسكر جنوده . ويذكر لنا صاحب الاستقصا أن المولى عبد الله أمر بتخريب قرى وحقول دكالة لإرغامهم على الخضوع ، فاضطرت القبائل إلى طلب الأمان ، لدلك رخص لهم السلطان بالعودة إلى أراضيهم ، وقد حكم دكالة في عهد المستضيء القائد الحاج علي بن العروسي البوزراري ، وفي عهد سيدي محمد بن عبد الله حكمها القائد محمد بن حدو الدكالي الذي كان له شأن كبير عند السلطان وقتل أثناء حركة ضد تازة ودفن بفاس ، وقد حل مكانه محمد بن أحمد الدكالي الذي حررت في فترة قيادته مدينة مازاكن  1769 م – 1182 ه

لقد سلك سيدي محمد بن عبد الله سياسة التفتح على العالم الخارجي حتى يتمكن من ربط تطور المغرب بالتطورات التي شهدتها أوربا وفي هدا الإطار ربط عدة علاقات دبلوماسية مع الخارج كما شجع التجارة المحيطية مع أوربا ، ولتحقيق دلك  دعت الضرورة إلى بناء عدة موانئ وتحرير الأخرى التي لازالت في يد الأجانب ومن أهمها ميناء البريجة أو مازا كان والدي لازال تحت نير الاحتلال البرتغالي ، فقرر السلطان سيدي محمد بن عبد الله تحريرها ، وجريا على عادته قرر استشارة أهل الرأي في دولته لغزو المدينة وفتحها ، فارتأوا أن تحريرها يتم بالحصار برا وبحرا ، وليس بالهجوم دفعة واحدة ، حتى لا يتعرض المسلمون للقتل ، وحتى يظفر بخيرات المدينة وعمرانها .

قصد سيدي محمد بن عبد الله البريجة ، بعد أن عرج على مراكش للتبرك من الولي الصالح سيدي أبي العباس السبتي ، ثم توجه نحو ضواحي مازا كان ليرابط مع شعبه جنبا لجنب ، يصحبه المجاهدون أهل دكالة ، وحسب بعض الروايات حتى أهالي شنقيط والصحراء المغربية وفدوا إلى السلطان ، ليأمرهم بالمشاركة إلى جانب القبائل الدكالية وهي فرصة أتيحت للجميع قصد توحيد أجزاء الوطن .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!