في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الأخيرة

doukkala24
تقافة و فنون
12 مايو 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الأخيرة

دكالة 24:

استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.

خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى  وأعلام  المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.

—- إعداد: أحمد مسيلي —– الحلقة 30

 سيدي مسعود بن احساين

سيدي مسعود بن احساين هو أحد الأولياء الذين داع صيتهم بدكالة وهو دفين أولاد افرج ، يرجع نسبه إلى المولى إدريس ثم إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كما جاء في كتابه بهجة الناظرين وانس الحاضرين في مناقب شرفاء بني أمغار ، لمؤلفه عبد الله محمد بن عبد العظيم الازموري الذي كان حيا بعد سنة 900 ه وهو دفين آزمور قال ابن عبد العظيم في ذكر مناقب بني أمغار في عين الفطر – تيط – وساق فيه نسب سيدي مسعود بن احساين .

” هو سيدي مسعود بن احسين وكان جده سيدي عبد الرحمان فقيها عالما جليلا . وكان قبل استقراره ببلاد بني افرج في دكالة مستقرا بمدينة ” جوطة ” قبل خرابها ثم بمراكش ثم تزوج بالمرأة المسماة مريم بنت أحمد الفرجية الدكالية ، وترك معها مولاي عبد الرحمان سيدي احسين وسيدي محمد الحبيب ، ونسب سيدي مسعود ظاهر في ظهير أحفاده وهو سيدي مسعود بن حسين بن عبد الرحمن بن احمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصادق بن فرج بن غالب بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن محمود بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن القاسم بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وشهد له بالنسب وثبوت الشرف ولمن بعده من أولاده وأنجاله العلامة عبد الواحد بن احمد الحميدي رحمه الله ، وكذلك غيره من بني افرج وغيره من القضاة ووضع السلاطين طوابعهم وشهدنا لهم بما شهد به عبد الواحد بن أحمد الحميدي المذكور أعلاه ونفوا عنهم التكاليف المخزنية والوظائف السلطانية ، وحشوهم كل المحاشاة من جميع عوام دكالة ، وهذا ما وجدناه مقيدا بخط من يوثق به أهله .”

لقد قام سيدي مسعود بن احسين زاوية كانت محجا لطلاب العلم والفقه … كما كانت الزاوية وسيلة لنشر الوعي بين السكان ويقال أن من بركات هذا الولي الصالح سيدي مسعود بن احسين شفاء المصابين بالجنون ومرض الصرع ، فضريحه يعتبر محجا للزائر ين والمرضى الوافدين عليه من كل أنحاء المنطقة .

وقد ترك سيدي مسعود بن احسين درية صالحة كالولي الصالح سيدي محمد الملقب ببوسكيكرة المدفون على ضفة أم الربيع قرب قصبة بولعوان وسيدي بوعلي المدفون أمام والده سيدي مسعود وسيدي الشرقي المدفون أمام والده على الشمال وسيدي الزموري المدفون بأولاد حمدان .

سيدي عبد العزيز بن يفو

من أهم المواسم التي تنظم بمنطقة اثنين الغربية هو موسم الولي الصالح عبد العزيز بن يفو وقد جرت العادة أن يقام هذا الموسم كل سنة بعد فترة الحصاد حيث تنصب الخيام وتقام الأفراح بمشاركة الخيالة ، ويعرف هذا الموسم إقبالا كبيرا من طرف الزوار الوطنيين القادمين من مختلف الجهات كذلك الأجانب حيث تعرف المنطقة حركة تجارية مهمة وتشرف على ضريح زاوية بن يفو عائلة البغلي ، وأفراد هذه العائلة يتوفرون على ظهائر شريفة للتوقير والاحترام . أما سبب تسمية هذا الموسم باسم بن يفو فهو إلى الولي الصالح سيدي عبد العزيز بن يفو ، وتروي بعض الحكايات أن هذا الولي قد قدم من ناحية مراكش حيث كانت بعض الأرواح تمنع سكان مراكش من أخذ الماء من إحدى العيون حتى يقدموا الذبائح والهدايا ، فاجتمع أهل مراكش وطلبوا من سيدي عبد العزيز بن يفو أن يحول بينهم وبين هذه الأرواح ، فوافق على ذلك حيث تقدم إلى موضع الجن بحضور سكان مراكش وتمكن من إخراج الجن بكل إمكاناته بعدما أطلق هذا الأخير نارا حمراء من الأرض إلى السماء ، فتقدم الشريف سيدي عبد العزيز بن يفو وقال للنار ” باسم الله الرحمان الرحيم ” ” أف ” ونفخ عليها فخمدت بقدرة الباري عز وجل ، لذلك أطلق عليه اسم بن يفو ، وعلى اثر ذلك طالب منه سكان مراكش مغادرتها خوفا من الاصطدام معه فغادرها قاصدا دكالة ، وكان أول موقع نزل فيه بدكالة هو قرية سيدي محمد الشريف وهي عبارة عن عين جارية تقع في الجهة اليمنى من الزاوية وتبعد عنها بحوالي كيلومتر ، وكان يسكن الزاوية آنذاك السملاليون .

وقد حظي شرفاء أولاد بن يفو بمكانة خاصة لدى السلاطين العلويين الدين خصوهم بظهائر تنص على احترامهم وتوقيرهم والإنعام عليهم . فالسلطان مولاي سليمان أنعم عليهم ب ” عين الغر ” حيث خصهم برسالة ملكية مؤرخة بتاريخ 25 يونيو 1822 م وقد جددت نفس الامتيازات في عهد السلطان المولى عبد الرحمان الذي خص الشرفاء أيضا بظهير ملكي محرر في 5 ماي 1836 م ، وفي عهد السلطان محمد بن عبد الرحمان استمرت العلاقة بين الطرفين ، حيث خص حلفاء الشيخ عبد العزيز بن يفو بظهير يجدد لهم  حكم ما بأيديهم من ظهائر أسلافهم ، وفي عهد المولى الحسن الأول تمتع الشرفاء أولاد بن يفو بحضوة أكبر ومكانة خاصة لديه حيث خص كل عائلة بظهير شريف .

ظهير من السلطان المولى الحسن : ” الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.

كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره يستقر بيد حملته المرابطين أولاد المرابط الخير محمد بن يفو القاطنين بقبيلة دكالة ويتعرفون منه أننا بحول الله وقوته جددنا لهم ما بأيديهم من ظواهر أسلافنا رضوان الله عليهم المتضمنة توقيرهم واحترامهم بحيث أن تخرق عليهم عادة ولا يقع عادة ولا يقع في أمرهم نقص ولا زيادة ، والواقف عليه من عالمنا وولات أمرنا يعمل بمقتضاه ولا يتعداه تجديدا تاما والسلام . ”

في تاريخ ذو الحجة عام 1303 ه

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!