دكالة 24:
هناك عقول تعمل عمل المعالج الرباعي، تفكر وتحلل وتستنتج… وهناك عقول، فيها حمار ميت لا يتحرك، لا ينهق، ولا يتحلل. فقط ممدد هناك، محشور بين فصّي الدماغ، يشغل مساحة لا تُستخدم، ويبعث رائحة فكرية خانقة.
شخصيتنا اليوم أحبت لغة الحيوانات، وتجانست معها بل وعاشرتها لدرجة أنه أصبح يذكر ويعي ما يقوم به كل حيوان، وما يطرأ بمخيلته داخل الغابة الخضراء كما وصفها في منشوره الذي أراده أن يكون مؤثرا، بيد أنه و للأسف لم يثر إلا السخرية والشفقة في آن واحد، وكأنك تكلّم جمجمة بها عظام زائدة وخيال متوفي، لا يفهم بالتلميح، ولا بالتصريح، ولا حتى بالصراخ في أذنه مع عرض توضيحي وشرائح بوربوينت. هو الشخص الوحيد الذي لو وضعت أمامه لوحة مكتوب عليها “باب”، سيدخل من الحيط.
بالمناسبة؛ فإننا نبارك له المولود الجديد مع متمنياتنا أن يرضع حليبا حلالا، وليس من جيوب آباء التلاميذ وعرقهم، ونبارك له السيارة، ونقول له ” الله ازيدك من فضله ” وأن يكثر لك الركاب و يوفر لك عدد ” الكورصات من و الى مطل و سيدي بنور ” حتى نقدر مهمتك بوصفك “خطافا للبلايص”، لأنها تحتاج إلى ” قصحيت الوجه ” و التملق والتوسل …
الأستاذ “خطاف لبلايص” يا سادة طموحه في الحياة، ألا ينسى كيف يتنفس، أما أحلامه، فغالبًا تنحصر في أشياء بسيطة مثل اكتشاف الفرق بين الهاتف والموزة – أو الخيار والبرتقالة … وما يزال غير متأكد.
بقدر تجواله مع الحيوانات من فصيلته، لديه قناعة راسخة أن الأرض مسطحة لأن “الكرة لا تقف على الطاولة”، ويؤمن أن الشمس تدور حوله تحديدًا، لأنها “تشرق كل يوم لكي يرى الطريق”، وفي النقاشات، دائمًا ما يلقي بكلمة: “أنا أحارب القرود والثعالب والأسود، وأحارب فساد الغابة، وأفضح البومة، وأزعج الصرار، وأنكد على النملة..” باعتباره مصدرا علميا موثوقا.
ولعل أبرز إنجازات الأستاذ خطاف لبلايص الفكرية، هي قدرته على إغلاق دماغه من الداخل والخارج، في حالة نادرة من “الغباء المقاوم للعقل”. إنه لا يقتنع، لا يتغير، ولا يتحرّك – مثل الحمار الميت بالضبط، الفرق الوحيد أن الحمار الحقيقي، في حياته، كان له على الأقل دور في جرّ عربة، أما هذا، فحتى نفسه يجرّها بصعوبة.
ومع ذلك، لا يمكن أن ننكر فائدته الاجتماعية، فهو دائمًا يذكّرنا بأن الذكاء نعمة، وأن بعض العقول تُركت عمدًا في وضع المصنع.
الشيخ “البندكاني ” يحيي الأستاذ “خطاف لبلايص”، ويقدم له هدية خيار من النوع الجيد، لعله يكون شفاء له من العدوى التي ألمت به والعياد بالله.