في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة 22

doukkala24
2021-05-05T00:22:27+00:00
2021-05-05T00:23:28+00:00
تقافة و فنون
5 مايو 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة 22

دكالة 24:

استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.

خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى  وأعلام  المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.

—- إعداد: أحمد مسيلي —– الحلقة 22

أعلام دكالة

كان إقليم دكالة غنيا بعطائه الفكري والروحي وقد اشتهر كثير من أفراده على مستوى المشرق والمغرب حيث استطاع كثير من الدكاليين أن يفرضوا وجودهم في الميدان الفكري بالمغرب ، والجزائر ، وتونس ، ومصر … وقد استطاع شاب من إقليم دكالة أن يفرض نفسه على الأوساط العلمية بمصر وبلاد المغرب العربي وغيرها حيث تنسم مرتبة الإمامة في العلم في ريعان شبابه ، وهو الشيخ الإمام محمد بن علي الدكالي دفين مصر ، واعظ ومفسر وفقيه له شرح على عمدة الأحكام ( في الحديث لعبد الغني المقدسي ) وله ( تخريج أحاديث الرافعي ) و ( كتاب الفروق ) وتفسير مطول سماه ( السابق واللاحق ) وله ( المذمة في استعمال أهل الذمة ) وله ( أحكام الأحكام الصادرة من بين شفتي سيد الأنام ) …

هذا وما يزال الحديث عن نبوغ الشيخ أبي شعيب الدكالي يملأ الأسماع ، والحديث عن حفظه وإتقانه ، وسعة اطلاعه … يهز النوادي ، وبتناقله عشاق المعرفة ، وطلاب العلم ومحبيه .

الشيخ أبو شعيب الدكالي :

هو أبو شعيب بن عبد الرحمان الدكالي ولد يوم الخميس 25 ذي القعدة سنة 1295 ه الموافق ل 20 أكتوبر 1878 م في بيت يعرف بالصديقات ، ويرجع أصله إلى قبيلة أولاد عمرو الغربية وهي قرية من قبيلة دكالة بدوار قرب المدينة المعروفة قديما بمدينة ” مشنزاية ” . توفي أبوه عبد الرحمان الدكالي سنة 1883 م ، فكلفه عمه سيدي محمد بن عبد العزيز ، وقد حفظ القرآن والقراءات السبع عن شيخه محمد بن المعاشي كما أخذ العلم عن عمه السالف الذكر وعن ولد عم أبيه سيدي عبد الرحمان ابن الفقيه الصديقي وعن ولد عمه سيدي محمد بن عزوز وعن ابن عمه سيدي الطاهر قاضي دكالة . وفي سنة 1308 ه موافق ل 1891 م شارك في مباراة دينية نظمها السلطان المولى الحسن الأول تفوق فيها وشرف بمقابلة من طرف السلطان ، وانتقل إلى الريف المغربي حيث زاول دروس الفقه والحديث والقراءات ولم تمض إلا مدة وجيزة حتى تشوقت نفسه للرحلة للبلاد المشرقية ، فرحل إلى مصر سنة 1314 ه ومكث بها مدة طويلة ، درس العلم فيها جمهور من رجال المشيخة مثل شيخ الإسلام سليم البشرى والعلامة الشيخ محمد محمود الشنقيطي اللغوي الشهير والشيخ أحمد الرفاعي وغيرهم ، ثم بعد دلك قصد مكة المكرمة يطلب من أميرها وجاور مدة طويلة علماءها وكثيرا من شيوخ العلم ببعض البلدان العربية الأخرى وقد أحرز هناك على مكانة جليلة عند أمير مكة الشريف عون الرفيق وفي سنة 1325 ه / 1907 م عاد إلى المغرب فقصد فاس وحظي بالإكرام والتقدير عند السلطان المولى عبد الحفيظ فتهافت عليه علماء فاس وطلبتها وأعيانها . وفي سنة 1328 ه / 1910 م عاد إلى الحجاز واتى بأهله إلى المغرب ، فولاه المولى يوسف قضاء مراكش ثم اختاره السلطان لوزارة العدل والمعرفة سنة 1330 ه وقد زاول هذه الوظيفة إلى حدود 1342 ه حيث قدم استعفاء لأسباب صحية ونتيجة كذلك ما كان يضمره له حاجب السلطان مولاي يوسف من عداء ليمنح بعد ذلك لقب وزير شرفي .

تميزت طريقة وأسلوب الشيخ في أداء دروسه سواء منها التفسيرية أو الحديثية أنه يفتتحها بذكر سنده واتصاله برواة الحديث ثم يتحدث في تراجم رجاله والتعريف بهم ويتطرق إلى التعريف بالحديث من الناحية الاصطلاحية وما فيه من اختلاف اللفظ والرواية ثم ينتهي إلى تحليله بنوع من البساطة والنكتة مدعما ذلك بآيات قرآنية وعقب هذا يأتي بالحكم الشرعي الذي تضمنه ، وكثيرا ما يختم دروسه بنص خليل الفقهاء ، وان دل هذا عن شيء فإنما يدل على سعة اطلاعه وتحصيله وتعدد روايته .

ومن أهم ما درسه الشيخ الكتب الستة ( – صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري بالزاوية الناصرية بالرباط  – صحيح مسلم ابن الحجاج – جامع أبي عيسى الترمذي – سنن ابن ماحة – أسس البلاغة لأبي القاسم الزمخشري – الفقيه ابن مالك بشرح الاشموني ) بالإضافة إلى ذلك تناول وشرح لامية الشاطبي ودرس كتاب ” نخبة الفكر في مصطلح أهم الأثر ” للحافظ شهاب الدين أحمد وتولى كذلك دراسة الشفاء للقاضي عياض .

عاد أبو شعيب الدكالي سنة 1907 م من المشرق في وقت تكالبت فيه أطماع الاستعمار على المغرب وبدأت فيه آخر المساومات بين الدول الاستعمارية ( الاتفاق الفرنسي الانجليزي سنة 1904 م ، ومؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 م ) التي فسحت لفرنسا المجال للانفراد باستعمار المغرب ، ومنذ توقيع الحماية بتاريخ 30 مارس 1912 م ، عمل المستعمر الفرنسي لتركيز نفوذه على تعميق التخلف الفكري والثقافي عن طريق ترويج الخرافات والأساطير وتثبيت روح الاتكال والاستسلام للقضاء والقدر في مختلف المدن والقرى معتمدا في ذلك على رجال يدعون الصلاح خاصة منهم بعض الطرقيين أمثال عبد الحي الكتاني وبعض الشيوخ التجانيين وتشجيع المهرجانات التي تفجر الطاقة الحركية لدى المواطن كالمهرجانات العيساوية والحمدوشية .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!